بسم الله الرحمن الرحيم
القصيدة الشعرية مجموعة من الجماليات، وهي حصيلة معاناة صادقة، نابعة من إحساس عميق بالمسؤولية، ومن مواقف متعددة تختلف حسب طبيعة الزمان والمكان وطبيعة الحدث، وبالتالي فلكل قصيدة هدف نابع من موقف، وكل موقف نابع من تجربة، وكل تجربة تختلف من شاعر إلى أخر، وربما تكون التجارب متشابهة، والموضوع مختلف، وربما العكس، التجارب مختلفة، والموضوع متشابه، ولهذا نرى التنوع في الأساليب، فكل شاعر يتناول الموضوع من زاوية معينة، وبالتالي تختلف عن الآخرين، ومن هنا يكمن جزء من الجمال اللغوي في النص الشعري.
فالقصيدة إذن ليست مجموعة من الألفاظ والحروف تُنسج ويتم حشوها وإيصالها إلى ذهن القارئ، بل إن الحرف الذي يستخدمه الشاعر مرّ في ذهنه عشرات المرّات، وبالتالي يوظفه في المكان المناسب، وإذا كان الحرف بهذا الشكل، فما موقف الكلمة، ثمّ الجملة الشعرية، ثمّ الفكرة، وأخيراً القصيدة التي هي نتاج صراع داخلي وخارجي على السواء، وهكذا تنمو القصيدة بمراحلها المختلفة حتى تصل إلى القارئ في أجمل صورة، وأبدع ما يمكن أن يُقال، وهنا أيضاً جزء من جماليات النص الشعري.
والقصيدة الشعرية أيضاً قائمة على موسيقى، وبدونها لا يكون العمل الأدبي ذا قيمة فنية، ومن هنا فالموسيقى بنوعيها، الداخلية والخارجية، هي جوهر العمل الشعري، فالخارجية تتمثل في الوزن القائم على بحور الشعر المختلفة، سواء الوزن المحكوم بقواعد ثابتة، أم الوزن الذي تحكمه الدفقات الشعورية للشاعر، فالتنوع في الدفقات الشعورية يحكمه تنوع في الأوزان الشعرية، من حيث الطول والقصر، وأحياناً تنوع البحور داخل النص الشعري، وهنا يبرز جزء من جماليات النص الشعري.
وإذا ما انتقلنا إلى القافية، وهي الرديف الثاني للوزن، حيث يعتبرها النقاد الحرف الأخير من السطر الشعري، فإنني أرى رأياً مخالفاً، لأن القافية في جوهرها هي التوحد في الحرف الأخير كما يُقال"السجع في النثر كالقافية في الشعر"وليس التنوع، وإذا تجاوزنا هذا الاختلاف، فيمكننا القول، إن القافية المتصلة بالوزن، هي من أساسيات العمل الشعري، يمكنها أن تكون صورة من صور الجمال في النص الشعري.
أما الموسيقى الداخلية، فتتمثل في الألفاظ والحروف المكونة لها، وكذلك الجمل والأسطر الشعرية، وعلاقة الألفاظ بعضها البعض الأخر، والمحسنات البديعية بأنواعها، وكذلك أثر التجربة في النص والتي يشعر بها القارئ من خلال الإيحاءات، وهذا كلّه يصب في خانة جماليات النص الشعري للقصيدة، فالموسيقى الداخلية الخفية والظاهرة هي محور أساسي في النص، وبالتالي يمنح النص الشعري قيمة فنية توظّف لخدمة العمل الأدبي، وبالتالي تُضيف للقصيدة جمالياتها المتميزة.
إنَّ جماليات العمل الشعري لا تقتصر على الموسيقى الشعرية، بل نجد أنّ النص الشعري من خلال معطياته يفرض وجوده فرضاً بحيث لا نستطيع أن نُبعده عن جمالياته، ولذا نحكم عليه حكماً صائباً، فنجد كثيراً من القصائد الشعرية أخذت أشكالاً فنية ذات طبيعة نثرية أحياناً، أو أنها من أساسيات أسلوب النثر، وأحياناً تكون القصائد مستمدة من التراث أو ذات طبيعة مستمدة من المواويل مثلاً، ولهذا نجد الرواية بمنظور شعري، والمسرحية بأشكالها بمنظور شعري أيضاً، وهناك الرسائل الشعرية التي تُرسل إلى الأدباء أو القادة، أو الشخصيات الأسطورية التي لا يمكن أن تُنسى على مر السنين، وأخيراً نجد الأدب الشعبي ماثلاً في القصائد الشعرية، وهذا كله دون أن يحط من قيمة العمل الشعري، أو النثري على السواء، بل نجده مكملاً له، لأن الجمود عند معطيات معينة ثابتة، يكون بمثابة تقليل من قيمة العمل الفني، فالتطوير والإبداع من أهم مقومات العمل الفني، لذا فإن ما تقدم ذكره يُعتبر من جماليات النص الشعري، ومن علامات إبداع الشعراء.
وإذا كان لتلك الأشكال الفنية أثر في إبراز جماليات النص الشعري، فكذلك الصورة الشعرية وأثرها الكبير في النص، وما يمكن أن يتولّد من خلالها من معانٍ ودلالات موحية، وتعتبر الصورة الشعرية من علامات الإبداع الشعري، فالصورة الشعرية تمثل عنصراً مهماً من عناصر النص الشعري، وبدونها لا يمكن أن يُحكم على القصيدة بالكمال، لذا فهي أيضا من جماليات النص الشعري.
وإذا كان اللفظ من جماليات النص الشعري، فالرمز الذي يُعتبر أحد معطيات اللفظ يمثل تلك الصورة، فنجد رمزية اللفظ، ورمزية الصورة، ورمزية النص، ولهذا فإن من علامات الإبداع الشعري والشاعري، الرمزية غير المغرقة في الإبهام، والإغلاق كما نرى عند بعض الشعراء، فالحكم على جوهر النص ليس مستمداً من الرمز والرمزية فقط، بل أيضا من صدق التجربة، وروعة الأداء، وبالتالي تظهر لدينا صورة من صور الجمال في النص الشعري.
ومن القضايا الجمالية في الشعر المعاصر، والتي تعتبر من عوامل الإبداع الكامنة في النص الشعري، قضية الالتزام والحرية والتراث واللغة الشعرية، تلك القضايا التي يمكن اعتبارها علامات فارقة في العمل الشعري بكل أبعاده وأشكاله، وبالتالي يمكن اعتبار تلك القضايا وغيرها من قضايا العصر التي تمثل جزء من القضايا الجمالية في الشعر المعاصر.
10/8/2008, 11:53 من طرف __mohannad__
» هيفاء وهبي - حبيبي انا 2008
10/8/2008, 11:47 من طرف __mohannad__
» الى جميع عشاق الدي جي
10/8/2008, 11:46 من طرف __mohannad__
» الهجاء
10/8/2008, 11:41 من طرف __mohannad__
» عــــــــا جـــــــــــــــــــــل البوم النجم الشاب محمـــــد حمـــــاقى
10/8/2008, 11:39 من طرف __mohannad__
» نكت تحشيش
5/8/2008, 12:40 من طرف حداقة
» اطللب كلمات الاغنية اللي انتا عايزها أدخل لمزيد من المعلومات
5/8/2008, 11:02 من طرف Abo Iyad
» خمس رسائل إلى أمي
22/7/2008, 15:37 من طرف الراقص مع الذئاب
» ابو محجوب الجزء 1
20/7/2008, 14:19 من طرف Abo Iyad