امواج الاردن

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
امواج الاردن

جوردن ويفز ، دردشة ، نكت اردنية

دخول

لقد نسيت كلمة السر

المواضيع الأخيرة

» جديد أغنية Kat DeLuna - Run the Show روووووووووووووووعة
كعك على الرصيف Empty10/8/2008, 11:53 من طرف __mohannad__

» هيفاء وهبي - حبيبي انا 2008
كعك على الرصيف Empty10/8/2008, 11:47 من طرف __mohannad__

» الى جميع عشاق الدي جي
كعك على الرصيف Empty10/8/2008, 11:46 من طرف __mohannad__

» الهجاء
كعك على الرصيف Empty10/8/2008, 11:41 من طرف __mohannad__

» عــــــــا جـــــــــــــــــــــل البوم النجم الشاب محمـــــد حمـــــاقى
كعك على الرصيف Empty10/8/2008, 11:39 من طرف __mohannad__

» نكت تحشيش
كعك على الرصيف Empty5/8/2008, 12:40 من طرف حداقة

» اطللب كلمات الاغنية اللي انتا عايزها أدخل لمزيد من المعلومات
كعك على الرصيف Empty5/8/2008, 11:02 من طرف Abo Iyad

» خمس رسائل إلى أمي
كعك على الرصيف Empty22/7/2008, 15:37 من طرف الراقص مع الذئاب

» ابو محجوب الجزء 1
كعك على الرصيف Empty20/7/2008, 14:19 من طرف Abo Iyad

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى


    كعك على الرصيف

    Abo Iyad
    Abo Iyad
    مدير عام المنتدى
    مدير عام المنتدى


    ذكر
    عدد الرسائل : 235
    العمر : 37
    اوسمة : كعك على الرصيف Ebda4e_4
     ؛ : كعك على الرصيف Goo
    اعلانات جوردن ويفز : التبادل الاعلاني للاعضاء : كعك على الرصيف 1
    تاريخ التسجيل : 11/02/2008

    طلب كعك على الرصيف

    مُساهمة من طرف Abo Iyad 27/5/2008, 13:13

    أتكون محض مصادفة غربية إنني التقيت به, الآن, في نفس المكان الذي شاهدته فيه


    أول مرة؟

    لقد كان مقرفصا هناك؟ كأنه لم يزل كذلك حتى اليوم: بشعره الأسود الخشن, وعينيه اللامعتين ببريق رغبة يائسة, منكباً على صندوقه الخشبي يحدق إلى لمعان حذاء باذخ..لقد استطاعت صورته أن تحفر في عظم رأسي قبل عام واحد, حينما رأيته في تلك الزاوية بالذات, لا لشيء غير عادي, سوى أنني ـ أنا نفسي ـ كنت احتل هذه الزاوية قبل عشر سنوات, حينما كانت المحنة على اشدها, وكانت طريقتي في مسح الأحذية تشابه طريقته إلى حد بعيد, كان الحذاء بالنسبة لي هو كل الكون:رأسه وكعبه قطبان باردان, وبين هذه القطبين كانت تتلخص دنياي.

    وقبل عام, حين مررت به, قاءت شفتاه عرضا آليا دون أن تنظر عيناه إلى الحذاء:
    ـ أستطيع أن أحوله إلى مرآة، يا سيدي..
    وبدافع من رغبة خاصة, تعوضني عن شهور طويلة من الأسى, ركزت قدما على حدبة الصندوق حيث تيسير لي أن أشاهد خطاً عريضاً من العرق يبلل ظهر قميصه الأزرق المتسخ, وكانت عضلات كتفه الضامرة الصغيرة تنقبض وتنبسط, وكان رأسه يهتز بانتظام..
    ـ هذا حذاء رخيص..

    لم أحس الإهانة على الإطلاق, فلقد كان شعوري حينما كنت أشاهد حذاء رخيصا يشابه شعوره, لكني لم اكن اعبر عنه بهذه السذاجة, كان الحذاء الرخيص يشعرني باقتراب غامض بيني وبين العالم.. ورغم ذلك, فلقد رغبت في تغير الحديث..
    ـ كم عمرك؟
    ـ إحدى عشر سنة..
    ـ فلسطيني؟

    هز رأسه فوق الحذاء, دون أن يجيب, أحسست بأنه يخفي شعورا بخجل صغير..
    ـ أين تسكن
    ـ في المخيم
    ـ مع أبيك؟
    ـ لا, مع أمي..
    ـ أنت طالب أليس كذلك؟
    ـ نعم.

    ونقر بإبهامه على النعل, ثم طالعني بعينين صافيتين, باسطاً كفه الصغيرة تجاهي, وأحسست بخيط رفيع من الأسى في حنجرتي, وتنازعي شعوران حادان: هل أعطيه أجرته فحسب؟ أم أزيد عليها؟ كنت حينما أعطى اجري حسب استحقاقي أحس شرف عملي, ولكنني حين كنت أوهب هبة ما كنت اقبلها وشعور بالإهانة يتراكم فوق سعادتي في أنني كسبت اكثر...

    لقد طواني المنعطف مبتعدا عن نظراته وهي تلسع ظهري ذلك أنني أعطيته استحقاقه فحسب...وحينما نظرت خلفي كان قد صرف نظره عني وتابع تحديقه إلى ارض الشارع راغبا في اصطياد حذاء آخر..

    ولكن صلتي "بحميد" لم تنته بانتهاء هذا المنظر.. فبعد اقل من شهر واحد عينت مدرساً في مدارس اللاجئين, وحين دخلت إلى الصف لأول مرة شاهدته جالسا في المقعد الأول.. كان شعره الأسود الخشن اقصر من ذي قبل, وكان قميصه المهترىء مجرد محاولة فاشلة لستر عريه.. وكانت عيونه مازالت تلتمع ببريق رغبة يائسة..
    لقد سرني انه لم يعرفني, ورغم انه من الطبيعي أن ينسى ماسح الأحذية زبائنه العابرين فلقد كنت أخشى من كل قلبي أن يتذكرني, ولو فعل لكان وجودي في الصف حرجا لا مهرب منه.. وطوال درسي الأول كنت أحاول عبثاً أن انتزع بصري عن وجهه المكتسي بتحفز مشوب بقلق صغير..لقد كان الصف كله مزيجاً من عدد كبير من أشباه حميد , صغار ينتظرون بفارغ الصبر صوت الجرس الأخير كي يشدوا أنفسهم إلى أزقة مترامية في مجاهل دمشق الكبيرة يصارعون الغروب من اجل أن يكسبوا العشاء.. كانوا ينتظرون الجرس بتوق جائع كي يتوزعوا تحت السماء الرمادية الباردة, كل منهم يمارس طريقته الخاصة في الحياة... وكانوا يعودون, إذ يهبط الليل إلى خيامهم أو إلى بيوت الطين حيث تتكدس العائلة صامتة طوال الليل إلا من أصوات السعال المخنوقة.. كنت أحس بأنني ادرس أطفالا اكبر من أعمارهم.. اكبر بكثير, كل واحد منهم كان شررا انبعث من احتكاكه القاسي بالحياة القاسية.. وكانت عيونهم جميعهم تنوس في الصف كنوافذ صغيرة لعوالم مجهولة, ملونة بألوان قاتمة, وكانت شفاههم الرقيقة تنطبق بإحكام كأنها ترفض أن تنفرج خوف أن تنطلق شتائم لا حصر لها دون أن يستطيعوا ردها..كان الصف إذن عالما صغيرا.. عالما من بؤس مكوم لكنه بؤس بطل..

    وكنت أحس بينهم بشيء من الغربة.. وأورثني هذا الإحساس رغبة جامحة في أن أحاول الوصول إلى قلوبهم قدر استطاعتي..

    كان حميد طفلاً متوسط الذكاء, ولكنه لم يكن يدرس بالمرة.. وكنت أحاول باتصال أن ادفعه ليدرس ولكن هذا الدفع لم يكن يجدي..
    -حميد, لا تقل لي انك تفتح كتابا في بيتك... انك لا تدرس على الإطلاق..
    -نعم يا أستاذ
    -لماذا لا تدرس ؟
    -لأنني أشتغل..
    -تشتغل حتى متى ؟

    وتطل العيون الواسعة الحزينة فيما تأخذ الأصابع الصغيرة تدور باضطراب طاقية متسخة.. ثم يهمس صوت بائس:
    -حتى منتصف الليل.. أستاذ.. إن الخارجين من دور السينما يشترون كعكي دائما إذا انتظرتهم..
    -كعك؟ أنت تبيع كعكا ؟
    ويرد صوته بخجل هامس:
    _ نعم يا أستاذ.. كعك..
    -لقد كنت أظن.. لا اذهب إلى مكانك.. اذهب!

    وطوال تلك الليلة, كنت أتصور المسكين الصغير يدور حافيا في شوارع دمشق النظيفة ينتظر خروج رواد السينما.. كنا في تشرين, وكانت السماء تمطر في تلك الليلة.. وتصورته واقفا في زاوية ما راعشا كريشة في زوبعة.. ضاما كتفيه قدر جهده إلى بعضهما, وداسا كفيه في مزق ثوبه محدقا إلى صحن الكعك أمامه.. منتظرا شخصا ما يخرج من القاعة جائعا كي يشترى كعكة.. شخصين.. ثلاثة.. ويتسع فمه بابتسامة, يائسة ويحدق إلى ميازيب تشرين من جديد.

    وفى اليوم التالي.. شاهدته في الصف, كان النعاس يأكل عيونه, وكانت رأسه تنحدر على حين فجأة إلى صدره, ثم ينهضها بعجز.
    -أتريد أن تنام يا حميد ؟
    -كلا يا أستاذ..
    -إذا أردت أن تنام فلسوف آخذك إلى غرفة المدرسين..
    -كلا يا أستاذ..

    ولكنه كان يبدوا منهكا بصورة حادة, وهكذا, اقتدته إلى غرفة المدرسين, كانت غرفة عارية إلا من صورة رسمها مدرس الرسم الفاشل ببقايا ألوان الطلبة، وكانت المقاعد الثقيلة منثورة تحت الجدران الرطبة وحول مائدة صغيرة تكدست عليها أكوام الدفاتر والكتب, لقد وقف حميد في باب الغرفة, مستشعرا كما يبدوا إحساسا غريبا, كان قلقا بعض الشيء, وكانت طاقيته تدور بين أصابعه الصغيرة, وعيونه تتناوب التحديق إلي, والى الغرفة..

    - نم على أي مقعد, سوف نضع حطبا في المدفأة.
    تحرك بطيئا إلى المقعد القريب, وجلس فوقه نصف جلسة, فيما إلتمعت عيناه بسعادة الدفء.
    -هل بعت كثيرا من الكعك ليلة أمس ؟
    -ليس كثيرا..

    كان في صوته رنة أسى عميق, وكان وجهه يرتجف:
    -لماذا ؟
    -نمت, نمت أثناء انتظاري انتهاء الفيلم, وحينما صحوت كان كل شئ قد انتهى.
    -نم الآن, سوف أعود إلى الصف.

    ولكنني لم أعرف كيف أتممت درسي, كنت أحس بقلق غريب, وكنت أخشى أن أنفجر بالبكاء أمام الطلبة.

    وفى الفرصة كان حميد يغط في نوم عميق, وكان انفه الصغير مازال مزرقا من فعل البرد إلا أن الدم كان قد بدأ يرد إلى وجنتيه. لم يسأل أحد من الأساتذة أي سؤال, إذ أن حوادث كثيرة من هذا الطراز كانت تحدث كل يوم, واكتفى الجميع برشف الشاي صامتين.

    وطوال الأيام التالية كنت ابحث عن طريقة ادخل فيها إلى حياة حميد دون أن يمسه فضولي, وكانت هذه العملية صعبة للغاية, إذ أن كل طالب في مدرسة النازحين كان يصر على الاحتفاظ بمأساته الخاصة, وضمها بعنف في صدره..كأنما كان هنالك شبه اتفاق مشترك على أن هذا واجب وضروري..

    إن الأشياء الصغيرة, حينما تحدث في وقتها, يكون لها معنى اكبر منها, اقصد أن هنالك بداية صغيرة لكل حادث كبير..

    ففي أحد الأيام آتى أخي الأصغر إلى المدرسة يحمل طعام الغداء لي, وحينما أعلمني خادم المدرسة بذلك, أرسلت حميدا إليه كي يأخذ منه أوعية الأكل. وعندما عاد حميد أحسست بأنه أهين بكيفية أو بأخرى, ولذلك طلبت منه أن يراجعني في غرفة المدرسين, أثناء فرصة الغداء.

    دخل حميد غرفة المدرسين قلقا كالعادة, كنت وحيدا, ورغم ذلك فان قلقه لم يبارحه, كانت أصابعه تدور طاقيته باضطراب, وكانت عيونه تلتمع كعادتها..
    ـ حميد, هل أعجبك أخي؟
    ـ انه يشبه أخي..
    لم اكن أتصور أن الموضوع سوف يطرق بهذه السرعة...ولذلك فلقد سألت متعجبا:
    ـ أخوك؟ أنني اعرف أن لك أختين فحسب..
    ـ نعم. ولكن أخي مات..
    ـ مات؟..
    أحسست باضطراب أنا الآخر, فهذا الصغير يضم صدره الضامر أسرار كبيرة..
    ـ كان اصغر منك..ها؟
    ـ كلا..اكبر مني..
    ـ كيف مات؟
    ولكن حميد لم يجب, وشاهدته يغالب دمعا غلبه في نهاية الأمر, وامتلأ وجهه الصغير بدمع غزير اخذ يمسحه خجلا بعض الشيء...
    ـ حسنا..لا تتكلم ..أتعرف إن أخي أنا الأخر مات؟
    ـ صحيح؟
    ـ نعم.. لقد دهسته سيارة كبيرة..
    كنت اكذب..ولكنني رغبت في أن أشارك أحزان الصغير بكيفية ما..وشعرت بان كذبتي أخذت طريقها السوي إلى رأسه إذ التمعت عيناه بأسى مفاجئ ومضى يحكي ببطء:
    ـ أخي لم تدهسه سيارة...لقد كان يعمل خادما في الطابق الرابع..وكان سعيدا..
    كان حميد يستخدم بذراعيه كي يوضح كلامه وكانت دموعه تنساب دون أن يشعر..
    ـ لقد اطل في قفص المصعد فقطع المصعد رأسه وهو يهبط..
    ـ مات؟

      الوقت/التاريخ الآن هو 21/9/2024, 10:28